فوائد من كتاب "مفتاح دار السعادة"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..
وبعدُ ..
هذه مجموعة من الفوائد المنتقاة من كتاب "مفتاح السعادة" للعلامة ابن القيم الجوزية -رحمه الله تعالى-.
(1): موضع الجنة
"فنقول: أما ما ذكرتموه من كون الجنة التي أهبط منها آدم ليست جنة الخلد، وإنما هي جنة غيرها، فهذا مما قد اختلف فيه الناس، والأشهر عند الخاصة والعامة الذي لا يخطر بقلوبهم سواه أنها جنة الخلد التي أعدت للمتقين، وقد نص غير واحد من السلف على ذلك".
(2): خاتمة جميلة ختم بها كلامه في الخلاف
"فهذا موقف نظر الفريقين، ونهاية أقدام الطائفتين، فمن كان عنده فضل علم في هذه المسألة فليجد به، فهذا وقت الحاجة إليه، ومن علم منتهى خطوته، ومقدار بضاعته، فليكل الأمر إلى عالمه، ولا يرضى لنفسه بالتنقص والإزراء عليه، وليكن من أهل التلول الذين هم نظارة الحرب، إذا لم يكن من أهل الكر والفر والطعن والضرب، فقد تلاقت الفحول، وتطاعنت الأقران، وضاق بهم المجال في حلبة هذا الميدان.
وإذا عظم المطلوب، وأعوزك الرفيق الناصح العليم، فترحل بهمتك من بين الأموات، وعليك بمعلم إبراهيم؛ فقد ذكرنا في هذه المسألة من النقول والأدلة والنكت البديعة ما لعله لا يوجد في شيء من كتب المصنفين، ولا يعرف قدره إلا من كان من الفضلاء المنصفين.
ومن الله سبحانه الاستمداد، وعليه التوكل وإليه الاستناد، فإنه لا يخيب من توكل عليه، ولا يضيع من لاذ به وفوض أمره إليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل".
(3): الحياة الطيبة الحقيقية
"ولكن يغلط الجفاة الأجلاف في مسمى الحياة الطيبة، حيث يظنونها التنعم بأنواع المآكل والمشارب والملابس والمناكح، أو لذة الرياسة والمال وقهر الأعداء والتفنن بأنواع الشهوات؛ ولا ريب أن هذه لذة مشتركة بين البهائم، بل قد يكون حظ كثير من البهائم منها أكثر من حظ الإنسان؛ فمن لم يكن عنده لذة إلا اللذة التي تشاركه فيها السباع والدواب والأنعام فذلك ممن ينادى من مكان بعيد.
ولكن أين هذه اللذة من اللذة بأمر إذا خالط بشاشته القلوب سلا عن الأبناء والنساء، والأوطان والأموال، والإخوان والمساكن، ورضي بتركها كلها والخروج منها رأسا، وعرض نفسه لأنواع المكاره والمشاق، وهو متحمل لهذا، منشرح الصدر به، يطيب له قتل ابنه وأبيه وصاحبته وأخيه، لا تأخذه في ذلك لومة لائم".
(4): في كون وفاة عالم أفجع من غيره
تعلم ما الرزية فقد مال
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حر
يــمـــوت بـمــوته بـشــر كـثـيــر
(5): الجزاء من جنس العمل
"وقد تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل؛ فكما سلك طريقا يطلب فيه حياة قلبه ونجاته من الهلاك، سلك الله به طريقا يحصل له ذلك".
***
(6): مراتب العلم
"وهذه هي مراتب العلم:
- أولها: سماعه.
- [المرتبة الثانية] فإذا سمعه وعاه بقلبه؛ أي: عقله واستقر في قلبه، كما يستقر الشيء الذي يوعى في وعائه ولا يخرج منه، وكذلك عقله هو بمنزلة عقل البعير والدابة ونحوها حتى لا تشرد وتذهب، ولهذا كان الوعي والعقل قدرا زائدا على مجرد إدراك المعلوم.
- المرتبة الثالثة: تعاهده وحفظه، حتى لا ينساه فيذهب.
- المرتبة الرابعة: تبليغه وبثه في الأمة؛ ليحصل به ثمرته ومقصوده؛ فما لم يبلغ ويبث في الأمة فهو بمنزلة الكنز المدفون في الأرض الذي لا ينفق منه، وهو معرض لذهابه، فإن العلم ما لم ينفق منه ويعلم فإنه يوشك أن يذهب، فإذا أنفق منه نما وزكا على الإنفاق.
(7): في فضيلة الجماعة، وأهميتها
"وقوله: (ولزوم جماعتهم): هذا أيضا مما يطهر القلب من الغل والغش؛ فإن صاحبه للزومه جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لها، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسره ما يسرهم.
وهذا بخلاف من انحاز عنهم، واشتغل بالطعن عليهم، والعيب والذم لهم؛ كفعل الرافضة والخوارج والمعتزلة وغيرهم؛ فإن قلوبهم ممتلئة غلا وغشا، ولهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص، وأغشهم للأئمة والأمة، وأشدهم بعدا عن جماعة المسلمين؛ فهؤلاء أشد الناس غلا وغشا بشهادة الرسول والأمة عليهم، وشهادتهم على أنفسهم بذلك، فإنهم لا يكونون قط إلا أعوانا وظهرا على أهل الإسلام، فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو وبطانته، وهذا أمر قد شاهدته الأمة منهم، ومن لم يشاهده فقد سمع منه ما يصم الآذان ويشجي القلوب".
(9): منزلة العلم من الإيمان
"العلم من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد".
(10): من فوائد الصبر في الدين
"فأخبر سبحانه أن بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين".
تعليقات
إرسال تعليق